...
من منا لا يعرفُ الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله ؟! ، ومن لا يعرفه فجزما سمع بسيرته أو قرأ عنها .
الملك فيصل - رحمه الله - أحد ملوك المملكة ، له مواقف تذكر فتشكر ، تروى للأجيال القادمة لأنه كان ملكا مبرزا ، محنكا .
لا أريد الإطالة ، إليكم هذه القصة التي يحكيها الدكتور معروف الدواليبي في " مذكراته " عن الملك فيصل في حقبة تاريخية كان العالم العربي لا يسمعُ فيها إلا جعجعة ولا يرى صحنا ، وإنما شعارات بالنهار يمحوها شروق الشمس ودخول الليل المظلم .
الصهاينة وديجول والملك فيصل
د. خالد الأحمد
يروي الدكتور معروف الدواليبي يرحمه الله هذا اللقاء الهام بين الجنرال ديجول والملك فيصل بن عبد العزيز يرحمه الله قبيل حرب حزيران (1967م) ، يوم كان النظام الأسدي يملأ الدنيا صراخاً بأناشيده يدعو العرب إلى رمي اليهود في البحر ، وكانت إذاعتـه تكرر الأغنية :
يروي الدكتور معروف الدواليبي يرحمه الله هذا اللقاء الهام بين الجنرال ديجول والملك فيصل بن عبد العزيز يرحمه الله قبيل حرب حزيران (1967م) ، يوم كان النظام الأسدي يملأ الدنيا صراخاً بأناشيده يدعو العرب إلى رمي اليهود في البحر ، وكانت إذاعتـه تكرر الأغنية :
ميراج طيارك هرب ..... مهزوم من نسر العرب
والميغ طارت واعتلت ..... بالجو تتحدى القـدر
والميراج هي طائرة مقاتلة فرنسية الصنع ، وكانت أقوى طائرة في سلاح الجو الإسرائيلي في حرب (1967) ، أما الميج فهي طائرة مقاتلة روسية الصنع ، وكانت لدى العرب ( مصر وسوريا والعراق ) في حرب (1967) ....
هؤلاء ( الممانعون ) كانوا يجعجعـون ....ويملأون الدنيا كذباً ، وتحريضاً كي يسلموا الجولان للصهاينة حسب الصفقة التي عقدها حافظ الأسد مع اللوبي الصهيوني الأمريكي في بيروت في بداية العام (1967م) ، أي قبيل الحرب ببضعة شهور ..
وكان الدكتور معروف الدواليبي يعمل بصمت على طريقته يرحمه الله ، يقول الدكتور الدواليبي ( ص 201) من مذكراته : (( أنا لي تجربة مع الجنرال ديجول من يوم قضية استقلال سوريا ، فمع أنه كان محاطاً بعناصر يهودية ( صهيونية ) ....فديجول عندما يعرف الحقيقة يغيــّر مواقفـه ، ولذلك كنت حريصاً على لقاء الملك فيصل بـه ، وألححت في ذلك وأصررت .
وكانت هناك رواسب قديمة لدى الملك فيصل وولي العهد الأمير خالد ، وموقف سلبي من ديجول منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، وتابع الدكتور الدواليبي ، إصراره على اللقاء حتى كان الملك فيصل في زيارة لانجلترا ، ومنها إلى بروكسل ، وكان ديجول يرى نتيجة لمساعي الدكتور الدواليبي ألا تكون دعوة رسمية لفيصل ، وإنما يخرج من بروكسل ، ويمر في طريقه بديجول ، فرفض الملك فيصل وأصر أن تكون دعوة رسمية ، لذلك تجاوز الملك فيصل باريس إلى جنيف ثم عاد منها إلى باريس ، وفي اليوم الأول أو الثاني من حزيران (1967) كان لقاؤه مع الجنرال ديجول ، ومعه الأمير سلطان والدكتور رشاد فرعون حيث جلسا مع رئيس وزرائه السيد جورج بومبيدو ، وبدأ الاجتماع بين الرجلين فيصل وديجول ومترجم :
قال ديجول : يتحدث الناس أنكم ياجلالة الملك تريدون أن تقذفوا بإسرائيل إلى البحر ، وإسرائيل هذه أصبحت أمراً واقعاً ، ولايقبل أحد في العالم رفع هذا الأمر الواقع .
أجاب الملك فيصل : يافخامة الرئيس أنا أستغرب كلامك هذا ، إن هتلر احتل باريس وأصبح احتلاله أمراً واقعاً ، وكل فرنسا استسلمت إلا ( أنت ) انسحبت مع الجيش الانجليزي ، وبقيت تعمل لمقاومة الأمر الواقع حتى تغلبت عليه ، فلا أنت رضخت للأمر الواقع ، ولاشعبك رضخ ، فأنا أستغرب منك الآن أن تطلب مني أن أرضى بالأمر الواقع ، والويل يافخامة الرئيس للضغيف إذا احتله القوي وراح يطالب بالقاعدة الذهبية للجنرال ديجول أن الاحتلال إذا أصبح واقعاً فقد أصبح مشروعاً ...
دهـش ديجول من سرعة البديهة والخلاصة المركزة بهذا الشكل ، فغير لهجته وقال : ياجلالة الملك يقول اليهود إن فلسطين وطنهم الأصلي وجدهم الأعلى إسرائيل ولد هناك ..
أجاب الملك فيصل : فخامة الرئيس أنا معجب بك لأنك متدين مؤمن بدينك ، وأنت بلاشك تقرأ الكتاب المقدس ، أما قرأت أن اليهود جاءوا من مصر !!؟ غـزاة فاتحيـن ...حرقوا المدن وقتلوا الرجال والنساء والأطفال ، فكيف تقول أن فلسطين بلدهم ، وهي للكنعانيين العرب ، واليهود مستعمرون ، وأنت تريد أن تعيد الاستعمار الذي حققته إسرائيل منذ أربعة آلاف سنة ، فلماذا لاتعيد استعمار روما لفرنسا الذي كان قبل ثلاثة آلاف سنة فقط !!؟ أنصلح خريطة العالم لمصلحة اليهود ، ولانصلحها لمصلحة روما !!؟ ونحن العرب أمضينا مئتي سنة في جنوب فرنسا ، في حين لم يمكث اليهود في فلسطين سوى سبعين سنة ثم نفوا بعدها ...
قال ديجول : ولكنهم يقولون أن أباهم ولد فيها !!!...
أجاب الفيصل : غريب !!! عندك الآن مئة وخمسون سفارة في باريس ، وأكثر السفراء يلد لهم أطفال في باريس ، فلو صار هؤلاء الأطفال رؤساء دول وجاءوا يطالبونك بحق الولادة في باريس !! فمسكينة باريس !! لا أدري لمن ســـتكون !!؟
سكت ديجول ، وضرب الجرس مستدعياً ( بومبيدو ) وكان جالساً مع الأمير سلطان ورشاد فرعون في الخارج ، وقال ديجول : الآن فهمت القضية الفلسطينية ، أوقفوا السـلاح المصدر لإسرائيل ... وكانت إسرائيل يومها تحارب بأسلحة فرنسية وليست أمريكية ....
يقول الدواليبي : واستقبلنا الملك فيصل في الظهران عند رجوعه من هذه المقابلة ، وفي صباح اليوم التالي ونحن في الظهران استدعى الملك فيصل رئيس شركة التابلاين الأمريكية ، وكنت حاضراً ( الكلام للدواليبي ) وقال له : إن أي نقطة بترول تذهب إلى إسرائيل ستجعلني أقطع البترول عنكم ، ولما علم بعد ذلك أن أمريكا أرسلت مساعدة لإسرائيل قطع عنها البترول ، في حين لم تقطعه ( الدول الثوروية ) كالعــراق والجزائر وليبيا ، الذين قطعوا النفط هم عرب الخليج فقط ( الكلام للدواليبي ) ، وقامت المظاهرات في أمريكا ، ووقف الناس مصطفين أمام محطات الوقود ، وهتف المتظاهرون : نريد البترول ولا نريد إسرائيل ، وهكذا استطاع هذا الرجل ( الملك فيصل يرحمه الله ) بنتيجة حديثه مع ديجول ، وبموقفه البطولي في قطع النفط أن يقلب الموازين كلها .
انتهى كلام الدواليبي ....
وهذا أحد رجال سوريا الذين أخرجهم النظام الأسدي منها ، وبقي خارجها حتى توفي في الرياض يرحمه الله ، وذاك أيضاً الملك فيصل يرحمه الله الذي عمل بصمت ومازلنا ننعـم بمشاريعه العمرانية والتربوية والفكرية التي عمـت العالم الإسلامي كلـه ، ومنها منظمة المؤتمر الإسلامي وغيره ....
وأولئك المجعجعون ( الممانعون ) في النهار و ( المنبطحون ) في الليل ، الذين يتزلفون ( لأولمرت ) كي يقبل استئناف المفاوضات معم بدون قيد أو شرط مسبق ....
ألا فليقرأ العرب ....وليعرفوا ( المقاوم ) الحقيقي من ( المنبطح ) ....
كاتب سوري في المنفى باحث في التربية السياسية
الملك فيصل وموريس بوكاى
ومن مناقب الملك فيصل رحمه الله فى نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصرة الشريعة, ودفع كيد الكائدين بردّ شبههم, ودحض مفترياتهم ما حكاة الدكتور تقى الدين الهلالي, فقال : قبل بضع سنين كنت مقيماً فى باريس عند أحد الأخوان, وكنت قد سمعت بأن الطبيب المشهور الجراح موريس بوكاي, ألّف كتاباً بين فيه أن القرآن العظيم هو الكتاب الوحيد الذي يستطيع المثقف ثقافة علمية عصرية أن يعتقد أنه حق منزل من الله ليس فيه حرف زائد ولا ناقص!!
وأردْتُ أن أزور الدكتور موريس لأعرف سبب نصرته لكتاب الله ولرسوله، فدعوناه فحضر فوراً!!!
فقلت له : من فضلك أرجو أن تحدثنا عن سبب تأليفك لكتابك "التوراة والأنجيل والقرآن في نظر العلم العصري"، فقال لي أنه كان من أشد أعداء القرآن والرسول محمد، وكان كلما جاء مريض مسلم محتاج إلى علاج جراحى يعالجه, فأتم علاجه وشفي! يقول له : ماذا تقول في القرآن، هل هو من عند الله أنزله على محمد؟ أم هو من كلام محمد نسبه الى الله افتراءً عليه؟
فيجيبني: هو من عند الله ومحمد صادق !
فيجيبني: هو من عند الله ومحمد صادق !
قال: فأقول له: أنا أعتقد أنه ليس من الله وأن محمداً ليس صادقاً !! فيسكت
قال : ومضيت على ذلك زماناً حتى جاءني الملك فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة السعودية, فعالجته جراحياً حتى شفي, فألقيت عليه السؤال المتقدم الذكر !!
فأجابني: إن القرآن حق وان محمداً رسول الله صادق !!
قال: فقلت : أنا لاأعتقد صدقه !!
فقال الملك فيصل : هل قرأت القرآن ؟
فقلت: نعم مراراً!!
فقال: هل قرأته بلغته أم بغير لغته؟ (أي بالترجمة)
فقلت: أنا ما قراته بلغته بل بالترجمة فقط!
فقال لي: إذاً أنت تقلد المترجم, والمقلّد لاعلم له إذا لم يطّلع على الحقيقة, لكنه أخبر بشيء فصدقه, والمترجم ليس معصوماً من الخطأ والتحريف عمداً!! فعاهدني أن تتعلم اللغة العربية, وتقرأه وأنا أرجو ان يتبدل اعتقادك هذا الخاطئ!
قال: فتعجبت من جوابه!
فقلت له: سألت كثيراً من قبلك من المسلمين فلم أجد الجواب إلا عندك, ووضعت يدي في يده، وعاهدته على أن لا أتكلم في القرآن ولا في محمد صلى الله عليه وسلم إلا إذا تعلمت اللغة العربية وقرأت القرآن بلغته, وأمعنت النظر فيه حتى تظهر النتيجة بالتصديق أو التكذيب!!
فذهبت من يومى ذلك إلى الجامعة الكبرى بباريس (قسم اللغة العربية) واتفقت مع أستاذة بالأجرة أن يأتيني كل يوم إلى بيتي, ويعلّمني اللغة العربية ساعة واحدة كل يوم إلا يوم الأحد الذي هو يوم راحتي, ومضيت على ذلك سنتين كاملتين لم تفتني ساعة واحدة, فتلقيت منه سبع مائة وثلاثين درساً, وقرأت القرآن بإمعان, ووجدته هو الكتاب الوحيد الذى يضطر المثقف بالعلوم العصرية أن يؤمن بأنه من الله لايزيد حرف ولا ينقص,أما التوراة والأناجيل الأربعة, ففيها كذب كثير, لايستطيع عالم عصري أن يصدقها !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق